تعتبر مدينة يافا من أقدم مدن فلسطين، فقد جاء في رسائل تل العمارنة والتي تعود بتاريخها الى القرن الرابع عشر قبل الميلاد فهي كنعانية الأصل، وقد وقعت هذه
المدينة تحت حكم المصريين والأشوريين والبابليين والفرس واليونان والرومان كبقية المدن الفلسطينية،وفى العصور الوسطي كانت نقطة وصول ومغادرة حجاج القدس المسيحيين الى أوروبا.
تقع مدينة يافا على خط عرض 32،3 شمالاً وخط طول 34،47 على ساحل البحر الأبيض المتوسط فوق تلة ارتفعت عن مياه البحر بأربعين متراً، ذكرها ابن خرداذبة
أقدم جغرافي عربي في كتابه المسالك والممالك فقال :
"وهو أقرب ثغر يليهم وهو على البحر، من الرملة اليه ثمانية أميال"
- قيل أنها دعيت بهذا الاسم (يافا) نسبة الى يافث بن نوح مؤسسها الأول
- وقيل أنه تحريف ل(يافي،yafi ) الكنعانية بمعني (الجميل)
- كما دعاها اليونان (يوب) و(جوب) أي الجميلة
- وذكرتها النقوش المصرية (يابو،yapu ،lapu )
- ويسميها اليهود (يافو)
- وعند العرب باسم(يافا) و(يافة) فهي تلفظ بفتح الياء المثناة التحتية وألف ساكنة
ثم فاء مفتوحة فألف ساكنة قبلها وهذا من أصح أسمائها.
فتحت يافا في زمن الخليفة عمر بن الخطاب علي يد عمرو ابن العاص وقيل على يد
معاوية بن أبي سفيان.
وفي أيام أحمد بن طولون(835-884م) بنيت قلعة يافا في حي الطابية وذكر مسجدها المقدسي في القرن الرابع الهجري ولعله كان مكان مسجد الطابية الحالي،
جاء في أحسن التقاسيم ، ويافا على البحر صغيرة ، الا أنها خزانة فلسطين.
وفرضة الرملة، عليها حصن منيع بأبواب مجددة، وباب البحر كله حديد، والجامع
مشرف على البحر، وميناؤها جيد.
كما حاصر القرامطة يافا فسير الفاطميون نجدة الى أصحابها المحاصرين الا أنه تم الاستيلاء على مراكب الفاطميين في المرة الأولي وتابع الفاطيون ملاحقة القراطمة
حتي حرروا يافا منهم ، وفى عهد الظاهر لاعزاز دين الله وقع زلزال مدمر فأصاب
يافا الدمار وانتشرت فيها الأوبئة حتي قيل فيهم:
بلد قحط والمولود فيها قل أن يعيش حتى لا يوجد فيها معلم للصبيان.
وغي عام 1070م دخلها السلاجقة وأخرجوا منها حاكمها الفاطمي رزين الدولة
وهدم سورها وأمر بأن تكون خطبة الجمعة باسم المقتدي بأمر الله الخليفة العباسي
ومنع الآذان بحي على العمل.
وفي عام 1099م احتلت يافا من قبل الصليبيين وارتكبوا مذبحة بشعة بحق أهلها وطرد أهلها وطرد الباقي منها وأصبحت مدينة للفرنجة، وبقيت كذلك حتى حررها
صلاح الدين الأيوبي عام 1191م.
وفي عام 1204م عادت الى الفرنجة التى يملكها قلاوون باسم مملكة يافا والرملة وقضائها .
أدرك العثمانيون ما ليافا من أهمية وموقع استراتيجي هام فعملوا على محاربة البدو وقطاع الطرق الذين كانوا يغيرون عليها.
الي أن حاصرها أبو الذهب في عام 1771م من أجل محاربة بقايا جيش ظاهر العمر وعلي بك الكبير، فهزمهم ودخل يافا في عام 1187م ثم هاجمها نابليون 1799م وارتكبت مجزرة فيها وبعد احتلالها بأربعة أشهر رحل عنها.
وفي مطلع عام 1802م حكمها محمد باشا أبو مرق وكان بينه وبين الجزارخلاف
مما دعا الجزار لارسال حملة الي يافا وحاصر أبي المرق فيها وبعد ذلك اضطر
سليمان باشا الي تعيين محمد آغا أبي نبوت بدلا من أبي المرق واليا على يافا.
تقدمت وازدهرت يافا في عهد أبي نبوت، فأقام المساجد والمدارس والسبل ورمم
السور، وأقام بوابة المدينة الشرقية باتجاه البر وقد تميزت البوابة الجديدة بشكلها
الرائع فكانت مبنية من قوسين منفصلين تعلوها ثلاث قباب صغيرة، وظلت هذه
البوابة هي المدخل الرئيسي الوحيد من تلك الجهة، وكانت عليها فرقة حراسة
قوية ونصبت حولها المدافع ، وكانوا يفحصون أوراق الزائرين الذين يؤمون
المدينة من القدس أو من البحر، وكانت تعرف باسم بوابة أبي نبوت وأيضاً باسم
بوابة القدس ،وأقام المدارس والمساجد والأسوار والسبل.....
وبعد رحيل أبي نبوت تسلم مصطفي بك ولاية يافا وفي عهده زار سليمان باشا يافا،
الى أن تقدمت جيوش محمد على ودخلتها، وقد وصف الرحالة الانكليزي thomson الحكم المصري في يافا فقال:
تجولت في شوارع يافا وبالأحري شارع يافا الوحيد ولم أر طريقاً أشد ازدحاماً منه، والكثير من الناس عمي أو على الأقل مصابون بآلام في عيونهم، وفيها
مصلبغ، وعلى الشاطئ أقيمت مصانع الفخار وأجمل ما فيها السبيل، وتحاط بسور وخندق وليس لها سوى بوابة واحدة للدخول والخروج**
وفي عام 1867م في عهد السلطان عبد العزيز أنشئت الطريق التي تربط يافا بالقدس، وفي عام 1886م بوشر في بناء حي المنشية شمالاً وحي العجمي جنوباً.
وتم هدم أسوار يافا وسويت مع الأرض في عام 1879-1888م .
تبعها في عام 1889م انشاء أول خط حديدي في فلسطين بين القدس ويافا بطول
87 كيلو متراً.
وبعد اعلان الحرب العالمية الأولى بقليل عين حسن بك الجابي قائداً لموقع يافا,
ففي صيف 1915م قام بانشاء الشارع باسم شارع **جمال باشا** والذي يسمي
حالياً**شارع الملك جورج** وهو الذي أنشأ المسجد حي المنشية.
في عام 1917م احتلت بريطانيا يافا وأخطر ما قامت به هو عمليه القصف
بالطائرات حيث هدمت المنازل ودمرت البلدة القديمة بحجة أنها تريد تطوير يافا.
أما في سنة 1936م فقد وقعت صدامات عنيفة بين اليهود والأهالى في يافا وبدأت
بريطانيا تهيئ الظروف لليهود لاستلام المدينة، بعد أن طردت العرب ومسحتهم وقتلتهم وهدمت العديد من المنازل عام 1948م.
سقطت يافا بيد اليهود ولم يبق في المدينة الا عدد قليل لا يتجاوز 4000 نسمة، و
تجمعوا في ثلاثة أحياء هي العجمي والجبلية والنزهة، وبقي الوضع كذلك حتي الآن
وتعرضت المقدسات الى ما تعرضت اليه البلاد من احتلال ومصادرة ودمار، ولم
يبق الا الشيئ القليل من المقابر والأوقاف والمساجد.